روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | علاقة الحب بين الشاب والفتاة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > علاقة الحب بين الشاب والفتاة


  علاقة الحب بين الشاب والفتاة
     عدد مرات المشاهدة: 6116        عدد مرات الإرسال: 0

تنقسم العلاقة بين الفتاة والشاب الغريب عنها إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول هي العلاقة التي يستوجبها العمل أو المشاركة في أي مشروع نبيل، القسم الثاني وهي العلاقة التي درج على تسميتها بالعلاقة البريئة أو النبيلة، وهي المبنية على الزمالة أو الصداقة أما القسم الثالث فهو المتعلق بعلاقة الحب بين الشاب والفتاة.

*[1]= علاقة الزمالة بين الجنسين:

إن اللقاء بين الرجال والنساء في ذاته ليس محرماً، بل هو جائز أو مطلوب إذا كان القصد منه المشاركة في هدف نبيل، من علم نافع أو عمل صالح، أو مشروع خير، أو جهاد لازم، أو غير ذلك مما يتطلب جهوداً متضافرة من الجنسين، ويتطلب تعاوناً مشتركاً بينهما في التخطيط والتوجيه والتنفيد.

ولا يعني ذلك أن تذوب الحدود بينهما، وتنسى القيود الشرعية الضابطة لكل لقاء بين الطرفين، ويزعم قوم أنهم ملائكة مطهرون لا يخشى منهم ولا عليهم، يريدون أن ينقلوا مجتمع الغرب إلينا، إنما الواجب في ذلك هو الإشتراك في الخير، والتعاون على البر والتقوى، في اطار الحدود التي رسمها الإسلام ومنها:

*1= الإلتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} [النور:31].

*2= الإلتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور:31].

*3= الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصاً في التعامل مع الرجال:

أ) في الكلام، بحيث يكون بعيداً عن الاغراء والاثارة، وقد قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً} [الأحزاب:32].

ب) في المشي، كما قال تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور: 31]، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله:{فجاءته إحداهما تمشي على إستحياء} [القصص:25]

ج) في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف ب «المميلات المائلات» ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.

*4= أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء الرجال.

*5= الحذر من أن يختلي الرجل بإمرأة وليس معهما محرم، قد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: «ان ثالثهما الشيطان» إذ لا يجوز أن يخلى بين النار والحطب.

*6= أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون اسراف أو توسعٍ يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال.

*[2]=  علاقة الصداقة بين الجنسين:

تعرّف الصداقة بأنها الحاجة إلى علاقة إجتماعية يتم فيها التواصل والتباذل والتزاور والتفاني والتعاون والتشاور والمباثثة للهموم والآمال، وهذا النوع من العلاقات يحث عليه الإسلام في إطار ما يعرف بالأخوة الإسلامية، المبنية على حسن إختيار الصديق، فنحن بحاجة إلى الصديق الذي يقوّي إيماننا، ويزيد في علمنا، ويناصرنا على قول وفعل الخير والحقّ، وينهانا عن قول وفعل الباطل والمنكر، ويدافع عنّا في الحضور والغياب، وليساعدنا وقت الضيق والشدّة، ولذا قيل: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم مَنْ يخالل».

الصداقة إذن عقد وميثاق أخوّة وتناصر وتباذل، تزداد مع الأيام والتجارب وثاقة، وليست لعبة نقبل عليها للتسلية ثمّ إذا مللناها تركناها كما يحدث مع الصداقة في مفهومها المعاصر فالصداقات اليوم -في العديد من نماذجها- هامشية سطحية تهدف إلى اللهو والثرثرة والسمر وتمضية الوقت، إنّها صداقات وزمالات تجتمع بسرعة وتنفرط بسرعة.. قد يجمعها العمر.. أو المدرسة، أو المحلّة، أو النادي، ويفرّقها: خلاف بسيط في الرأي، أو مهاترة كلامية، أو نزاع على فتاة، أو سخرية لاذعة، أو خديعة، أو الخضوع لإيقاع طرف ثالث.. وهكذا.

تحدث العلماء والأدباء عن الصداقة كأحد الأسباب التي يسعد بها الإنسان في حياته، لأنه لا يستغني عنها، حيث إنه مدني بطبعه، وممن إستفاض في توضيح ذلك أبو الحسن البصري في كتابه أدب الدنيا والدين فقال: إن أسباب الألفة خمسة، هي: الدين والنسب والمصاهرة والمودة والبر، وتحدث عن الصداقة التي وصفها الكندي بقوله: الصديق إنسان هو أنت إلا أنه غيرك.

والإختيار أساسه عقل موفور عند الصديق، ودين يدعو إلى الخير، وأخلاق حسنة، ولا بد أن يكون بين الصديقين الرغبة والمودة، وإذا كانت هذه آداب الصداقة بين الجنس الواحد، فهل الصداقة بين الجنسين بهذه الصورة.

= الصداقة بين الجنسين =

بدأت ظاهرة الصداقة بين الجنسين تغزو مجتمعاتنا نتيجة الغزو الإجتماعي والفكري الغربي التي فشت فيها هذه الصداقات فكثر إستعمال مصطلحات الصديق الذكر -Boy Friend- والصديقة الأنثى -Girl Friend- والتي لا تعبر عن علاقة صداقة بريئة وإنما هي علاقة غرامية محمومة، أو علاقة جنسية مباشرة.

إننا نحاول أن نثير هذه الأمور لننفذ إلى هذه المسألة، كي نفهم المراد من عبارة الصداقة بين الجنسين، ونسأل: هل المراد من كلمة الصداقة وجود علاقة طبيعية بين رجل وامرأة تماماً كما هي العلاقة بين رجل ورجل وبين امرأة وامرأة في شؤون المحادثة، وفي شؤون الدرس، وفي شؤون الحياة الإجتماعية العامة؟

وهل المراد من الصداقة هو تلك العلاقة التي تقوم على التفاهم والإحترام المتبادل اللذين تحكمهما حاجة الطرفين إلى لقاء من أجل قضايا فكرية او إجتماعية أو سياسية؟ إذا كان المقصود هو هذا، فإن التحفّظات التي يمكن أن نستوحيها من بعض الأجواء الإسلامية الأخلاقية، ومن بعض الأحكام الإسلامية، تتركّز حول نقطتين:

•- النقطة الأولى: هي أنّ طبيعة هذه الصداقة التي نريد أن تتحوّل إلى أجواء طبيعية من اللقاء، ومن الإختلاط، قد توقع الطرفين في بعض الإشكالات الشرعية، وذلك أن هذه الصداقة لا يمكن أن تتم بشكل طبيعي بعيداً عن العُقَد التي يعيشها الطرفان، إلا بالإنحراف عن الخط الإسلامي في بعض الأحكام الشرعية.

•- النقطة الثانية: هي أن طبيعة التنوّع بين الرجل والمرأة لا يمكن لها أن تضبط الصداقة عند حدودها الطبيعية، لأن الصداقة تمثل حالة شعورية معينة ترتفع المشاعر الحميمة فيها كلما تعمّقت أكثر، وكلما شعر الطرفان بالوحدة أكثر، ومن الطبيعي بأنّ الغريزة سوف تعبر عن نفسها في هذه الحالة، بطريقة أو بأخرى، وإن تجاهلها الطرفان، إلا أنها تتجمع في المشاعر والأحاسيس، لتصل في نهاية المطاف إلى الإنفجار بطريقة أو بأخرى.

إنّنا نركز على هذا الفهم المتحفظ للصداقة بين الجنسين، من خلال إستيحاءنا لكثير من الأحاديث، ومنها الحديث التالي: «ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما»، فهذا الحديث يؤكد أن طبيعة الإجتماع المنفرد تجعل الطرفين وجهاً لوجه أمام مسألة الأحاسيس الخاصة التي تنطلق من خلال التنوّع، ومن خلال إنجذاب كل نوع إلى النوع الآخر.

حتى لو بدأت هذه العلاقة بريئة في البدء ولكنها سرعان ما تتغير وتتطور إلى ما هو أكثر من ذلك، أي إلى الحبّ والرغبة في الإقتران، وحتى إذا لم تصل إلى هذا المستوى، فإنّ حميمية الجنسين لا تجعلها شبيهة بالعلاقة داخل الجنس الواحد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اختلى رجل وامرأة إلاّ وكان الشيطان ثالثهما»، ودخول الشيطان يكون بما يوحيه إليهما من إنجذاب عاطفي وجنسي، قد يبدأ وسوسة لكنه قد لا ينتهي بها، لأن كثرة اللقاء والإختلاط والخلوة بين الشاب والفتاة يهيج العواطف ويحركها للمنكر.. وفي دراسة أمريكية تبين أنه حوالي 47% من ضحايا الإغتصاب في أمريكا كن ضحايا لإغتصاب أصدقائهن! وحوالي عشرين بالمائة كن ضحايا لإغتصاب أقارب وأصدقاء العائلة، وبعبارة أخرى: سبعين في المائة من الفتيات كن ضحايا للعلاقة البريئة.

وهذا الذي نؤكده يمكن أن نفهمه أيضاً، من خلال ما توصّل إليه علماء الإجتماع في إجاباتهم عن السؤال المطروح بشكلٍ دائم، وهو:

ـ هل يمكن أن تقوم صداقة بريئة بعيدة عن الجانب الجنسي بين الرجل والمرأة؟

1) تفيد إجابات العلماء، أن قيام مثل هذه الصداقة أمر غير عملي وغير واقعي، وربما نستطيع أن نصل إلى هذه النتيجة من خلال ملاحظاتنا للواقع المعاش الذي تجاوز الكثير من الحدود في العلاقة بين الطرفين.

2) إن الصداقة بين الرجل والمرأة وإن أدّت إلى نتائج إيجابية على مستوى الواقع الأخلاقي، فإنها تؤدي في المقابل إلى نتائج سلبية كبرى في هذا المجال، فتكون الصداقة قضية من القضايا التي يكون إثمها أكبر من نفعها، الأمر الذي يدخلها في جو التجربة الصعبة التي تقترب من الحرام، وقد ورد في الحديث: «المحرّمات حمى الله، فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه».

لهذا، فإننا نتصور أن على المجتمع المؤمن أن يدرس هذه الأمور دراسة دقيقة وواقعية، حتى لا يقع في التجربة الصعبة التي قد تسيء إلى الطرفين، أو إلى المجتمع المؤمن بالكامل، إننا نفهم أن الأخلاق لابد لها من أجواء ملائمة، فنحن لا يمكن أن نقول للإنسان: اقترب من المحرقة ولا تحترق، ولا يمكن أن نرمي إنساناً بالماء ونقول له: لا تبتلّ.

وفي هذا الإطار من الصداقات تندرج علاقة الصداقة بين الجنسين حيث يفخر كثير من الشبان بعلاقات الصداقة التي تربطهما ببعضهما البعض وأن علاقتهما بريئة وما يربطهما هو صداقة حقة، حتى أن البعض يؤكد بأن علاقته مع الجنس الآخر أفضل من علاقته مع الجنس نوعه.

وهذا يدلنا على أن الصداقة البريئة بين شاب وفتاة يختلطان ببعضهما وقد يرى أحدهما من الآخر ويسمع ما لا يقدر على أن يصبر عليه شبه مستحيلة..

¤ الخصائص المشتركة فيما بين علاقتي الحب والصداقة:

1- الإستمتاع برفقة الطرف الآخر.

2- تقبل الطرف الآخر كما هو.

3- الثقة في حرص كل طرف على مصالح الطرف الآخر.

4- إحترام الصديق أو الحبيب والإعتقاد في حسن تصرفه.

5- المساعدة المتبادلة والنجدة عند الحاجة.

6- فهم شخصية الطرف الآخر وإتجاهاته وتفضيلاته ودوافع سلوكه.

7- التلقائية وشعور كل طرف بأنه على طبيعته في وجود الآخر.

8- الإفصاح عن الخبرات والمشاعر الشخصية.

أما عن مجموعي الخصائص اللتي تنفرد بهما علاقة الحب فهما:

أ= مجموعة الشغف: وتشمل ثلاث خصائص وهي:

1/ الإفتتان: يعني ميل المحبين إلى الإنتباه إلى المحبوب والإنشغال به حتى عندما يتعين عليهم أن ينخرطوا في نشاطات أخرى، مع الرغبة في إدامة النظر إليه والتأمل فيه والحديث معه والبقاء بجواره.

2/ ويعني تميز علاقة الحب عن سائر العلاقات الأخرى والرغبة في الإلتزام والإخلاص للمحبوب، مع الإمتناع عن إقامة علاقة مماثلة مع طرف ثالث.

3/ الرغبة الجنسية: وتشير إلى رغبة المحب في القرب البدني من الطرف الآخر ولمسه ومداعبته، وفي معظم الأحيان يتم ضبط تلك الرغبة لإعتبارات أخلاقية ودينية.

ب= مجموعة العناية: وتحوي خاصيتين هما:

1) تقديم أقصى ما يمكن حيث يهتم المحب إهتماماً بالغاً بتقديم أقصى ما يمكنه عندما يشعر بحاجة المحبوب إلى العون حتى ولو وصل الأمر إلى حد التضحية بالنفس.

2) الدفاع والمناصرة: وتبدو في الاهتمام والدفاع عن مصالحه والمحاولة الايجابية لمساعدته على النجاح.

*[3]= علاقة الحب بين الشاب والفتاة:

كثيراً ما يطرح السؤال التالي: لماذا يتّهم الإسلام الحبُّ ويُدينه؟ والجواب أن الإسلام لا يتهم ويدين كل أصناف الحب، إنما يتهم فقط ذلك النوع الذي ينشأ ويستمر في الظلام!!! وكل ما ينشأ في الظلام يختنق ولا ينتهي إلا في ظلام أشد منه، كما أن الاسلام لا يمانع الحب فهذا الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «ما روئي من المتحابين خير من النكاح»، إلا أن الإسلام يضع لهذا الحب آداب معينة وضوابط كثيرة تحده من الخروج عما هو مألوف والإنزلاق في معاصي لا تحمد عقباها.

جعل الله سبحانه وتعالى الحب عنوان علاقته بأفضل خلقه وأقربهم إليه، فحين أخبرعن حالهم معه سبحانه وصف علاقته بهم وعلاقتهم به بقوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.

وتنقسم علاقة الحب بين الشاب والفتاة في الإسلام إلى قسمين رئيسين: حب سوي، وحب غير سوي، فالحب غير السوي فهو إقامة علاقة حب بين شاب وفتاة لا تحل له وتربطهما علاقة تبيح هذا الحب.

أما الحب السوي فهو كحب الرجل لزوجه، وليس هناك ثمة مشكلة من هذه العلاقة لأنها علاقة سوية مستقيمة لا خطر منها، والمتأمل لأحوال المحبين يجد نماذج عديدة منها ما إشتهر تاريخياً قبيل الإسلام نجد عشاق العرب كانو يحبون الحب العذري وهو الحب العفيف الطاهر هؤلاء مثل قيس وليلى كيف أحبها هي بنت عمه يراها وهي خارجة ورائحة ترد الماء، وعاش في الصبا يراها فتعلق قلبه بها، كذلك عنترة وعبلة أو كُثيِّر وعزة أو جميل وبثينة، على رأسهم الأنبياء عليهم السلام مثل:

1- نبي الله ابراهيم عليه السلام الذي كان يحب سارة زوجته سارة حباً شديداً لمدة ثمانين عاماُ، ومع حاجته الشديدة إلى الإنجاب لم يتزوج من إلا بعدما طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من هاجر وألحَّت عليه.

2- نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يستَحِ من إعلان حبه لعائشة حين عاد عمرو بن العاص منتصراً من غزوة ذات السلاسل، وسأله: مَن أحب الناس إليك؟ -ظناً منه أنه سيكون هو- فقال له صلى الله عليه وسلم أمام الناس: «عائشة»!!!!!، فقال عمرو: إنما أسألك عن الرجال، فقال صلى الله عليه وسلم مؤكداً إعتزازه بعائشة: «أبوها».

وهذا إضافة إلى حبه الشديد للسيدة خديجة رضي الله عنها، وكان يقول لعائشة رضي الله عنها عندما تبدي غيرتها منه: «إني قد رُزِقتُ حبَّها»!!!! رواه البخاري.

3- قصة مغيث وبريرة كانا زوجين... لكن ما لبثت الخلافات بينهما أن إشتعلت، حتى إنتهى الأمر بالطلاق.. ولكن مغيثًا ندم على ذلك بشدة، لأنه لم يستطع أن ينزع حبها من قلبه، وفشل في أن يخفيه، وظل كبده يتحرق شوقًا إلى حبيبته، فكان يجوب الطرقات وراءها... ودموعه تسيل على خديه.. ومن فرط صدق هذا الحب وجماله رق إليه قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب إلى بريرة وقال لها: «لو راجعتيه، فإنه أبو ولدك»، فقالت له: أتأمرني..يا رسول الله؟ فقال لها: «إنما أنا شافع»... قالت: فلا حاجة لي فيه..

من هنا فلا بد من التفريق بين الحب كممارسة وسلوك وبين الحب كمشاعر، فالحلال منه إذا كان مجرد مشاعر أما إذا تحول الحب إلي سلوك كلمسة وقبلة ولمة ففي هذه الحالة يكون حكمه حراما وينتج عنه سلبيات كثيرة لأنه من الصعب على المحب ضبط حبه.

وقد كانت امرأة العزيز ونسوة المدينة المثل الذي ضربه الله تعالى نموذجا للحب الذي يتعدى المشاعر إلى السلوك العملي.

= نظرة الشاب إلى الحب =

قبل أن نبدأ في موضوع الحب غير السوي نورد القصة التالية التي ذكرتها جريدة النهار في عددها الصادر في 21/7/2004: مها فتاة جامعية تدرس الكيمياء ولها طريقتها الخاصة في العيش ولا تسمح لأحد بالتدخل في خصوصياتها التي لا تخفي شيئاً منها عن الاهل والإصحاب، لانها منسجمة مع نفسها كما تقول.

بدأت الحكاية، عندما كانت في الصف الاول الثانوي وتحب زميلها في الصف ويدّعي انه يحبها، وبعد علاقة إمتدت طيلة العام الدراسي وقبل إنتهائه بيوم واحد، زارته في منزله بناءً على طلبه، وحدث ما حدث، حينها فقدت عذريتي لكني لم احمل لحسن حظي، تقول مها مبتسمة كأنها تستذكر أيام الطفولة والبراءة بإستهزاء تام وبثقة السيدة الناضجة التي ناطحت تجارب العالم بأسره.

في اليوم التالي لتلك الليلة، الاولى في تجربتها وأحاسيسها، التقته في المدرسة وعاملها بإزدراء كانت تنتظر نقيضه، وعندما إنفعلت في وجهه ووجهت اليه بعض الإهانات الطفولية، أجابها: ما حدا ضربك على ايديك، وانا ما عاد بدّي شي منّك، تلك كانت آخر عبارة سمعتها منه، إنتقل بعدها الى مدرسة اخرى وتركها تتخبط في أفكار عدة منها الندم والحسرة والحزن طيلة الصيف...

وتعيش مها حالياً قصة حبها الخامسة على التوالي، وفي كل واحدة كانت تمارس الجنس، لكنها إدمنته ولم تعد تكتفي بشاب.

من هذه القصة يمكن أن نستشف بعض الأشياء التي تجهلها المرأة عن الرجل أنه من تركيبة تختلف عن تركيبتها، ويتصرف بطريقة تختلف تماما عن طريقتها، ومن هذه الإختلافات في نظرة الرجل والمرأة لعلاقة الحب هذه:

ـ الشاب لا يرضى أن يقترن بامرأة مستعملة حتى لو كان هو من إستعملها، لأن من وقعت في الحرام معه لن يمنعها شيء من الوقوع في الحرام مع غيره.

ـ عندما يريد الشاب أن يبدأ في علاقة مع الفتاة فإنه يفكر فيها كأداة أو وسيلة لتفريغ شهوته، أي أنه ينظر لها نظرة جنسية.

ـ الشاب لا يريد تحمل أعباء الزواج وتكاليفه ولهذا يكتفي منها بما تعطيه من نفسها ثم يتركها.

= أما الفتاة فنظرتها إلى الحب =

1= الفتاة عاطفية لدرجة أنها تستخدم عاطفتها كثيرا في الحكم على الأشياء، وحساسة وسريعة التأثر بما حولها، وضعيفة وتحتاج لمن يساندها ويقف بجانبها، ولذلك فهي عندما تحب فإنها تفقد عقلها وتصبح كاللعبة بين يدي الشاب، وقد تعطيه كل ما تملك بدون أن تعي ما الذي تفعله بنفسها وما الذي تجنيه من جراء ذلك!!

وهذه الأمور إيجابية وسلبية في الوقت نفسه، وقد تتغير من فتاة إلى فتاة أخرى، ولكن تبقى هذه السمات غالبة عند النساء، وهي موجودة بدرجة أقل عند الشباب..

2= الفتاة تنظر للشاب على أنه مصدر للحب والعاطفة والقوة.

3= الفتاة تحب أن تترجم الحب إلى علاقة زواج، ولا ترضى أن تكون أداة يلهو بها الرجل وتلهو هي به لفترة ثم تتركه ويتركها، ولهذا فهي تطلب من صديقها الزواج وتلح عليه في ذلك.

وأخيرا إذا حاولنا أن نعرف الأسباب التي تدفع الفتاة إلى إقامة علاقة بين الشباب فنجدها فيما يلي:

ـ الحاجة إلى التعاطف الصادق:

تشعر بعض الفتيات معاملة سيئة من أهلها، مما يدفعها إلى البحث عن البديل، وإنه من الغريب جدا، أن كثيراً من الفتيات لا يسمعن كلمات الحب والغزل والمدح إلا عن طريق الحرام!! فعندما تسمع كلمة: أنا أحبك لأول مرة يكاد قلبها يطير فرحا بها، وكذلك عندما يقال لها: أنت جميلة أو إشتقت لك كثيراً أو غير هذا من الكلمات التي ينبغي أن تسمعها البنت من أبويها وإخوتها... ولو كانت تسمع مثل هذه الكلمات بالحلال لأصبح إحتمال إنجرافها وراء من يُسمعها إياها بالحرام أقل، ولكن الذي يحصل أنها لا تسمع منها شيئا حتى تسمعها من الغريب! أما الوالد والوالدة فقد تسمع منهما ما يزيدها هما إلى همها، وربما لا تسمع منهما شيئا البته.

إن مجتمعنا جاف جدا، والمشاعر قد تكون مختفية في البيوت إلا في القليل منها.. وعندما تبحث الفتاة عن مكان تفرغ فيه عاطفتها فلا تجد إلا والدا مشغولا بعمله، وأما مشغولة بأشياء تافهة.. وعندما تبحث عن شخص يبادلها الشعور بالحب ولا تجده في البيت.. وعندما تتاح لها الفرصة في إيجاد البديل -في غيبة من الدين والعقل- ... فهل بعد هذا نستغرب إذا إنحرفت مشاعرها عن طريقها الصحيح؟

لذا يجب على الوالدين أن يظهرا مشاعرهما لإبنتهما، وإظهار المشاعر يكون بالكلام الجميل -أحبكِ، حبيبتي، إشتقت إليكِ ...الخ- ويكون بالقبلة واللمسة والضمة الأبوية الحانية..وليتأكد الوالدان أن إبنتهما إن وجدت عندهما ما يغنيها عن الحرام فإنها في مأمن من ألاعيب المعاكسين، ولا يعني هذا أنها ستكون في غنى عن الزوج.. ولكنها ستكون أكثر صموداً أمام الإغراءات من تلك التي لم تتعود على الكلام الجميل وعلى الإهتمام بها في البيت.

نستطيع أن نقول إن الفتاة في مجتمعنا عندها مشكلة حقيقية في إيجاد شخص يتعاطف معها ويكون قريبا منها، يتشرب المشاكل والهموم، ويستمع للشكوى ويظهر التعاطف والحب الصادق، خصوصاً عندما تكون الفتاة محاطة بأب بعيد عنها وبينها وبينه علاقة رسمية تمنعها من الشكوى له، وأم لاهية عابثة بعيدة عنها تتعامل الفتاة معها بعلاقة رسمية بحيث لا تستطيع الفتاة أن تجعل منها صديقة لها، وبعيدة عنها بحيث أن الأم لا تنزل للمستوى العمري المناسب لإبنتها ولا تتفهم حاجتها في هذا السن.

وهكذا تبرز الحاجة للتعاطف وللإستماع كسبب أول لبحث الفتاة عمن يستمع إليها، فتجد في الشكوى للشباب فرصة للتنفيس عن نفسها، وهكذا تتخلص الفتاة بشكواها للشاب من مشكلة عدم وجود من يسمعها ولكنها تقع في مشكلة التعلق بالشخص الذي يساعدها في حل مشاكلها.

ـ الحاجة إلى الحب:

الفتاة الطبيعية عبارة عن كتلة متحركة من العواطف التي تتأجج في كثير من الأحيان وتسكن في أحيان أخرى، ومن هذه العواطف عاطفة الحب، والحب الذي أقصده ليس حب الفتاة لوالدها أو والدتها أو لأخيها أو غيرهم من الأشخاص والأشياء، بل هو الحب بمعنى الميل العاطفي والذي يكون للزوج -بالحلال- أو العشيق -بالحرام-.

وهذه الحاجة موجودة أيضا عند الرجال، ولكن الفرق بين الرجال والنساء أن الرجل يتحكم في عواطفه ويتغلب عليها في كثير من الأحيان -كما ذكرنا سابقا-، بينما تعجز المرأة عن هذا في كثير من المرات. والفرق الآخر أن الرجل يستطيع أن يشبع هذه الحاجة بالزواج ممن يحب وليس عليه حرج في ذلك، بينما تبقى المرأة تتعذب وتتألم في إنتظار ذلك الخاطب الذي يأتي ليطرق الباب، وإن إبتلاها الله بالحب فإنها لن تستطيع أن تتقدم لخطبة من تحبه ولا أن تصرح بذلك لأحد.

ـ مشكلة العنوسة:

عاطفة الأمومة من العواطف التي تؤثر كثيرا على الفتيات، وهي عاطفة أودعها الله في الأنثى، واليوم يعاني مجتمعنا من إرتفاع شديد في نسبة العنوسة، وتأخر سن الزواج بالنسبة للشباب والفتيات، وأصبح الزواج يكلف الشاب ما لا يستطيع أن يوفره إلا بجهد ومشقة هذا بالإضافة إلى كثير من التعقيدات الإجتماعية الأخرى ... فأصبحت معوقات الزواج كثيرة جدا لدرجة أن كثيرا من الفتيات قد يصل بها العمر إلى منتصف العشرينات وهي لم تتزوج بعد، وبعضهن تستمر معاناتها لسن أكبر من هذا السن.

إذا تخيلنا هذا فإننا سنعلم أن هذه العاطفة تؤرق الكثير من الفتيات، وأن علاقات الحب المحرمة قد يكون من أهم أسبابها أنها -في نظر الفتاة- سبيلاً لإيجاد زوج وبالتالي الحصول على الأطفال.

الكاتب: د. نهى عدنان قاطرجي.

المصدر: موقع المستشار.